سورة الكهف - تفسير تفسير ابن عطية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


{الكتاب} اسم جنس، يراد به كتب الناس التي أحصاها الحفظة لواحد واحد، ويحتمل أن يكون الموضوع كتاباً واحداً حاضراً، وإشفاق المجرمين: فزعهم من كشفه لهم وفضحه فشكاية المجرمين إنما هي من الإحصاء لا من ظلم ولا حيف، وقدم الصغيرة اهتماماً بها، لينبه منها، ويدل أن الصغيرة إذا أحصيت، فالكبيرة أحرى بذلك، والعرب أبداً تقدم في الذكر الأقل من كل مقترنين، ونحو هذا هو قولهم: القمران والعمران، سموا باسم الأقل تنبيهاً منهم، وقال ابن عباس: الصغيرة الضحك، وهذا مثال، وباقي الآية بين، وقوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة} الآية، هذه الآية مضمنها تقريع الكفرة وتوقيفهم على خطاياهم في ولايتهم العدو دون الذي أنعم بكل نعمه على العموم، صغيرها وكبيرها، وتقدير الكلام: واذكر إذ قلنا وتكررت هذه العبارة حيث تكررت هذه القصة، إذ هي توطئة النازلة فأما ذكر النازلة هنا فمقدمة للتوبيخ، وذكرها في البقرة إعلام بمبادئ الأمور، واختلف المتأولون في السجود لآدم فقالت فرقة هو السجود المعروف، ووضع الوجه بالأرض، جعله الله تعالى من الملائكة عبادة له وتكرمة لآدم، فهذا كالصلاة للكعبة، وقالت فرقة بل كان إيماء منهم نحو الأرض، وذلك يسمى سجوداً لأن السجود في كلام العرب عبارة عن غاية التواضع، ومنه قول الشاعر: [الطويل]
ترى الأكم فيه سجداً للحوافر ***
وهذا جائز أن يكلفه قوم، فمنه قول النبي صلى الله عليه وسلم «قوموا إلى سيدكم»، ومنه تقبيل أبي عبيدة بن الجراح يد عمر بن الخطاب حين تلقاه في سفرته إلى الشام ذكره سعيد بن منصور في مصنفه، وقوله {إلا إبليس} قالت فرقة هو استثناء منقطع، لأن {إبليس} ليس من الملائكة، بل هو من الجن، وهم الشياطين المخلوقين من مارج من نار، وجميع الملائكة إنما خلقوا من نور، واختلفت هذه الفرقة فقال بعضها إبليس من الجن، وهو أولهم، وبدءتهم، كآدم من الإنس، وقالت فرقة بل كان إبليس وقبيله جناً، لكن جميع الشياطين اليوم من ذريته، فهو كنوح في الإنس، احتجوا بهذه الآية، وتعنيف {إبليس} على عصيانه يقتضي أنه أمر مع الملائكة، وقالت فرقة إن الاستثناء متصل، وإبليس من قبيل الملائكة خلقوا من نار، فإبليس من الملائكة وعبر عن الملائكة بالجن من حيث هم مستترون، فهي صفة تعم الملائكة والشياطين، وقال بعض هذه الفرقة كان في الملائكة صنف يسمى الجن وكانوا في السماء الدنيا وفي الأرض، وكان إبليس مدبر أمرهم ولا خلاف أن إبليس كان من الملائكة في المعنى، إذ كان متصرفاً بالأمر والنهي، مرسلاً، والملك مشتق من المالكة، وهي الرسالة، فهو في عداد الملائكة يتناوله قول {اسجدوا} وفي سورة البقرة وسورة الأعراف استيعاب هذه الأمور، وقوله {ففسق} معناه فخرج وانتزح، وقال رؤبة: [الرجز]
تهوين في نجد وغوراً غائراً *** فواسقاً عن قصدها جوائرا
ومنه قال فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها، وفسقت النواة إذا خرجت عن الثمرة، وفسقت الفأرة إذا خرجت من جحرها، وجميع هذا الخروج المستعمل في هذه الأمثلة، إنما هو في فساد، وقول النبي صلى الله عليه وسلم «خمس فواسق يقتلن في الحرم إنما هن مفسدات» وقوله {عن أمر ربه} يحتمل أن يريد خرج عن أمر ربه إياه، أي فارقه كما فعل الخارج عن طريق واحد، أي منه، ويحتمل أن يريد فخرج عن الطاعة بعد أمر ربه بها، و{عن} قد تجيء بمعنى بعد في مواضع كثيرة، كقولك أطعمتني عن جوع، ونحوه، فكأن المعنى: فسق بعد أمر ربه بأن يطيع ويحتمل أن يريد فخرج بأمر ربه أي بمشيئته ذلك له ويعبر عن المشيئة ب الأمر، إذ هي أحد الأمور، وهذا كما تقول فعلت ذلك عن أمرك أي بجدك وبحسب مرادك، وقال ابن عباس في قصص هذه الآية: كان إبليس من أشرف صنف، وكان له سلطان السماء وسلطان الأرض، فلما عصى صارت حاله إلى ما تسمعون، وقال بعض العلماء إذا كانت خطيئة المرء من الخطأ فلترجه، كآدم، وإذا كانت من الكبر، فلا ترجه، كإبليس، ثم وقف عز وجل الكفرة على جهة التوبيخ بقوله {أفتتخذونه} يريد أفتتخذون إبليس، وقوله {وذريته} ظاهر اللفظ يقتضي الموسوسين من الشياطين الذين يأمرون بالمنكر ويحملون على الأباطيل، وذكر الطبري أن مجاهداً قال: ذرية إبليس الشيطان، وكان يعدهم: زلنبور صاحب الأسواق، يضع رايته في كل سوق، وتبن صاحب المصائب، والأعور صاحب الربا، ومسوط صاحب الأخبار، يأتي بها فيلقيها في أفواه الناس، ولا يجدون لها أصلاً، وداسم الذي إذا دخل الرجل بيته فلم يسلم ولم يذكر اسم الله بصره من المتاع ما لم يرفع.
قال القاضي أبو محمد: وهذا وما جانسه مما لم يأت به سند صحيح فلذلك اختصرته، وقد طول النقاش في هذا المعنى، وجلب حكايات تبعد من الصحة، فتركتها إيجازاً، ولم يمر بي في هذا صحيح إلا ما في كتاب مسلم من أن للوضوء والوسوسة شيطاناً يسمى خنزت، وذكر الترمذي أن للوضوء شيطاناً يسمى الولهان والله العليم بتفاصيل هذه الأمور لا رب غيره، وقوله {وهم لكم عدو} أي أعداء، فهو اسم جنس، وقوله {بئس للظالمين بدلاً} أي بدل ولاية لله عز وجل بولاية إبليس وذريته، وذلك هو التعوض من الجن بالباطل، وهذا هو نفس الظلم، لأنه وضع الشيء في غير موضعه.


الضمير في {أشهدتهم} عائد علىلكفار، وعلى الناس بالجملة، فتتضمن الآية الرد على طوائف من المنجمين، وأهل الطبائع، والمتحكمين من الأطباء، وسواهم من كل من يتخوض في هذه الأشياء.
قال القاضي أبو محمد: وحدثني أبي رضي الله عنه، قال: سمعت الفقيه أبا عبد الله محمد بن معاد المهدوي بالمهدية، يقول سمعت عبد الحق الصقلي يقول هذا القول ويتأول هذا التأويل في هذه الآية، وأنها رادة على هذه الطوائف، وذكر هذا بعض الأصوليين، وقيل الضمير في {أشهدتهم} عائد على ذرية إبليس، فهذه الآية، على هذا تتضمن تحقيرهم، والقول الأول أعظم فائدة، وأقول: إن الغرض المقصود أولاً بالآية، هم إبليس وذريته، وبهذا الوجه يتجه الرد على الطوائف المذكورة وعلى الكهان والعرب المصدقين لهم والمعظمين للجن حين يقولون أعوذ بعزيز هذا الوادي، إذ الجميع من هذه الفرق متعلقون بإبليس وذريته، وهم أضلوا الجميع، فهم المراد الأول ب {المضلين}، وتندرج هذه الطوائف في معناهم، وقرأ الجمهور، {وما كنتُ} وقرأ أبو جعفر والجحدري والحسن بخلاف {وما كنتَ}، والصفة ب {المضلين}، تترتب في الطوائف المذكورة، وفي ذرية إبليس لعنه الله، والعضد استعارة للمعين المؤازر، وهو تشبيه بالعضد للإنسان الذي يستعين به، وقرأ الجمهور {عَضُداً} بفتح العين وضم الضاد، وقرأ أبو عمرو والحسن بضمهما، وقرأ الضحاك بكسر العين وفتح الضاد، وقرأ عكرمة {عُضْداً} بضم العين وسكون الضاد، وقرأ عيسى بن عمر {عَضَداً} بفتح العين والضاد، وفيه لغات غير هذا لم يقرأ بها، وقوله {ويوم يقول} الآية وعيد، المعنى واذكر يوم، وقرأ طلحة ويحيى والأعمش وحمزة {نقول} بنون العظمة، وقرأ الجمهور بالياء أي {يقول} الله تعالى للكفار الذين أشركوا به من الدنيا سواه: {نادوا شركائي} أي على وجه الاستغاثة بهم، وقوله {شركائي} أي على دعواكم أيها المشركون وقد بين هذا بقوله {الذين زعمتم} وقرأ ابن كثير وأهل مكة {شركاي} بياء مفتوحة، وقرأ الجمهور: {شركائي} بهمزة. فمنهم من حققها، ومنهم من خففها، والزعم إنما هو مستعمل أبداً في غير اليقين، بل أغلبه في الكذب، ومنه هذه الآية، وأرفع موضعه أن يستعمل زعم بمعنى أخبر، حيث تبقى عهدة الخبر على المخبر، كما يقول سيبويه رحمه الله: زعم الخليل. وقوله {فدعوهم} فلم يستجيبوا لهم ظاهره أن ذلك يقع حقيقة، ويحتمل أن يكون استعارة، كأن فكرة الكفار ونظرهم في أن تلك الجمادات، لا تغني شيئاً ولا تنفع، هي بمنزلة الدعاء وترك الإجابة، والأول أبين، واختلف المتأولون في قوله {موبقاً} قال عبد الله ابن عمرو وأنس بن مالك ومجاهد: هو واد في جهنم يجري بدم وصديد، قال أنس: يحجز بين أهل النار وبين المؤمنين، فقوله على هذا {بينهم} ظرف، وقال الحسن {موبقاً} معناه عداوة و{بينهم} على هذا ظرف، وبعض هذه الفرقة، يرى أن الضمير في قوله {بينهم} يعود على المؤمنين والكافرين، ويحتمل أن يعود على المشركين ومعبوداتهم، وقال ابن عباس {موبقاً} معناه مهلكاً بمنزلة موضع وهو من قولك وبق الرجل وأوبقه غيره إذا أهلكه، فقوله {بينهم} على هذا التأويل، يصح أن يكون ظرفاً، والأظهر فيه أن يكون اسماً، بمعنى جعلنا تواصلهم أمراً مهلكاً لهم، ويكون {بينهم} مفعولاً أولاً ل {جعلنا}، وعبر بعضهم عن الموبق بالموعد وهذا ضعيف، ثم أخبر عز وجل عن رؤية المجرمين النار، ومعاينتهم لها، ووقوع العلم لهم بأنهم مباشروها، وأطلق الناس أن الظن هنا بمعنى اليقين، ولو قال بدل {ظنوا} وأيقنوا لكان الكلام متسقاً، على مبالغة فيه، ولكن العبارة بالظن لا تجيء أبداً في موضع يقين تام قد قاله الحسن، بل أعظم درجاته أن يجيء في موضع علم متحقق، لكنه لم يقع ذلك المظنون، وإلا، فقد يقع ويحسن، لا يكاد توجد في كلام العرب العبارة عنه بالظن وتأمل هذه الآية، وتأمل قول دريد:
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ***
وقرأ الأعمش {فظنوا أنهم ملاقوها}، وكذلك في مصحف ابن مسعود، وحكى أبو عمرو الداني عن علقمة، أنه قرأ: {ملافوها} بالفاء مشددة من لففت، وروى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة» والمصرف المعدل، والمرغ، ومنه قول أبي كبير الهذلي: [الكامل]
أزهير هل عن شيبة بن مصرف *** أم لا خلود لباذل متكلف
وهو مأخوذ من الانصراف من شيء إلى شيء، وقوله تعالى: {ولقد صرفنا} الآية، المعنى: ولقد خوفنا ورجينا وبالغنا في البيان، وهذا كله بتمثيل وتقريب للأذهان، وقوله: {من كل مثل} أي من كل مثال له نفع في الغرض المقصود بهم، وهو الهداية، وقوله {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} خبر مقتضب في ضمنه، فلم ينفع فيهم تصريف الأمثال، بل هم منحرفون يجادلون بالباطل وقوله {الإنسان} يريد الجنس، وروي أن سبب هذه الآية هو النضر بن الحارث، وقيل ابن الزبعرى. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد نام عن صلاة الليل، فأيقظه، فقال له علي إنما نفسي بيد الله، ونحو هذا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضرب خده بيده ويقول: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} فقد استعمل الآية على العموم في جميع الناس، والجدل الخصام والمدافعة بالقول، فالإنسان أكثر جدلاً من كل ما يجادل من ملائكة وجن وغير ذلك إن فرض وفي قوله {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} تعليم تفجع ما على الناس، ويبين فيما بعد.


هذه آية: تأسف عليهم وتنبيه على فساد حالهم، لأن هذا المنع لم يكن بقصد منهم أن يمتنعوا ليجيئهم العذاب، وإنما امتنعوا هم مع اعتقادهم أنهم مصيبون، لكن الأمر في نفسه يسوقهم إلى هذا، فكأن حالهم تقتضي التأسف عليهم، و{الناس} يراد به كفار عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين تولوا دفع الشريعة وتكذيبها، و{الهدى} هو شرع الله والبيان الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، والاستغفار: هنا طلب المغفرة على فارط الذنب كفراً وغيره، و{سنة الأولين} هي عذاب الأمم المذكورة من الغرق والصيحة والظلمة والريح وغير ذلك، {أو يأتيهم العذاب قبلاً} أي مقابلة عياناً، والمعنى عذاباً غير المعهود، فتظهر فائدة التقسيم وكذلك صدق هذا الوعيد في بدر، وقال مجاهد: {قبلاً} معناه فجأة وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر ومجاهد وعيسى بن عمر {قِبَلا} بكسر القاف وفتح الباء، وقرأ عاصم والكسائي وحمزة والحسن والأعرج {قُبُلاً} بضم القاف والباء، ويحتمل معنيين أحدهما أن يكون بمعنى قبل، لأن أبا عبيدة حكاهما بمعنى واحد في المقابلة، والآخر أن يكون جمع قبيل، أي يجيئهم العذاب أنواعاً وألواناً، وقرأ أبو رجاء والحسن أيضاً: {قُبْلاً} بضم القاف وسكون الباء، وقوله {وما نرسل المرسلين} الآية، كأنه لما تفجع عليهم وعلى ضلالهم ومصيرهم بآرائهم إلى الخسار، قال: وليس الأمر كما يظنوا، والرسل لم نبعثهم ليجادلوا، ولا لتتمنى عليهم الاقتراحات، وإنما بعثناهم مبشرين من آمن بالجنة ومنذرين من كفر بالنار، و{يدحضوا} معناه يزهقوا، والدحض الطين الذي يزهق فيه، ومنه قول الشاعر: [الطويل]
وردت ونجى اليشكريّ نجاؤه *** وحاد كما حاد البعير عن الدحض
وقوله {واتخذوا} إلى آخر الآية توعيد، والآيات تجمع آيات القرآن والعلامات التي ظهرت على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله {وما أنذروا هزواً} يريد من عذاب الآخرة، والتقدير ما أنذروه فحذف الضمير والهزاء: السخر والاستخفاف، كقولهم أساطير الأولين، وقولهم لو نشاء لقلنا مثل هذا وقوله {ومن أظلم} استفهام بمعنى التقرير، وهذا من أفصح التقرير أن يوقف الأمر على ما لا جواب له فيه إلا الذي يريد خصمه، فالمعنى لا أحد {أظلم ممن} هذه صفته، أن يعرض عن الآيات بعد الوقوف عليها بالتذكير، وينسى ويطرح كبائره التي أسلفها هذه غاية الانهمال، ونسب السيئات إلى اليدين، من حيث كانت اليدان آلة التكسب في الأمور الجرمية، فجعلت كذلك في المعاني، استعارة، ثم أخبر الله عز وجل عنهم وعن فعله بهم، جزاء على إعراضهم وتكسبهم القبيح، فإنه تعالى: {جعل على قلوبهم أكنة} وهي جمع كنان، وهو كالغلاف الساتر واختلف الناس في هذا وما أشبهه من الختم والطبع ونحوه، هل هو حقيقة أو مجاز، والحقيقة في هذا غير مستحلية، والتجوز أيضاً فصيح، أي لما كانت هذه المعاني مانعة في الأجسام وحاملة، استعيرت للقلوب التي قد أقساها الله تعالى وأقصاها عن الخير، وأما الوقر في الآذان، فاستعارة بينة لأنا نحس الكفرة يسمعون الدعاء إلى الشرع سماعاً تاماً، ولكن لما كانوا لا يؤثر ذلك فيهم إلا كما يؤثر في الذي به وقر، فلا يسمع، وشبهوا به، وكذلك العمى والصم والبكم، كلها استعارات، وإنما الخلاف في أوصاف القلب، هل هي حقيقة أو مجاز، والوقر: الثقل في السمع، ثم أخبر تعالى عنهم أنهم، وإن دعوا إلى الهدى فإنهم لا يهتدون أبداً، وهذا يخرج على أحد تأويلين: أحدهما أن يكون هذا اللفظ العام يراد به الخاص، ممن حتم الله عليه أن لا يؤمن ولا يهتدي أبداً، ويخرج عن العموم كل من قضى الله بهداه في ثاني حال، والآخر أن يريد: وإن تدعهم إلى الهدى جميعاً فلن يؤمنوا جميعاً أبداً، أي إنهم ربما آمن الأفراد، ويضطرنا إلى أحد هذين التأويلين، أنا نجد المخبر عنهم بهذا الخبر قد آمن منهم واهتدى كثير.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9